بيان في خصوص ما جاء في كلام السيد الحيدري من حكمه بكفر غير الموالي لعلي واهل بيته

29 أكتوبر 2020
1
0
1
بيان في خصوص ما جاء في كلام السيد الحيدري من حكمه بكفر غير الموالي لعلي واهل بيته عليهم السلام ونسبته ذلك الى مراجع الطائفة

أقول ثبوتًا لا منافاة بين الحكم بالاسلام وبين الحكم بالكفر على موضوع واحد وذلك لاختلاف الحيثيات في الموضوع وهذا ما يحكم به العقل ولا يمانعه ..

فقد يُسأل لماذا حكمت الروايات على اسلام بعض المسلمين وفي مقام اخر حكمت بكفرهم ؟!!

الجواب

أنّ حكم الشارع ههنا ينطلق من كبريات ما يحكم به العقل العملي في حكم ما ينبغي ان يفعل، والعقل إنما يلاحظ حيثية الكمال المتناسبة مع خصوصية اطراف ما به الاستكمال..

توضيحه

حيث إن دار الدنيا دار اجتماع بغية الإستكمال من طريق تدريجي في مقام تحقيق غاية الاستخلاف..

وبما أنّ الإستخلاف لا يكون إلا بتمكين الخليفة في الارض..
والتمكين لابد وان يتناسب مع كون الانسان فاعلا بالارادة مختارا..
فلا ينبغي حصول التمكين الدفعي غير القائم على المحن والتمحيص..
وعليه فقد يسبق التمكينَ استخلافاتٌ عدّة لغير المجتمع المؤمن..

وبما أنّ تلك المجتمعات قد تكون اكثرية فيحكم العقل بلزوم حفظ الاقلية الى حين تمكّنها وحصول الإذن..
وهذا الأمر لا يكون الا بفرض نظام تدبيري يحفظ الاقلية..
ومن ضمن تلك النُظم التدبيرية عدم خلق هوية انعزالية بحيث يوجب استضعافها..
ويبقى على المشرِّع بيان صغريات كيفية التدبير من خلال الإنخراط في الجماعات والصلاة معهم وحضور جنائزهم وعود مرضاهم الخ....

وعندما يظهر المُخلِّص تتحول الاقلية الى اكثرية بحكم بلوغ الحجية، وهو معنى الإظهار وإتمام النور...

وهذا هو حكم العقل العملي بما يتناسب مع خصوصية النشاة من حيث الغاية وكيفية الاستكمال وملاحظة الخصائص

واما الاخرة فحكمها تابع لخصائص موضوعها والذي ينتفي معه حكم مراعاة الاجتماع فيبقى حكم الجزاء ثوابا وعقابا

لكن هل هذا الكلام يعني كفر من لم يوالِ أئمة اهل البيت عليهم السلام وبالتالي الخلود في النار؟!

أقول بالنسبة لموضوع الثواب والعقاب فهو قائم على مقدار الحجية الواصل والمتمثّل في ذهن المدرِك

فكلّ مَن لم تَبلغه الحجّة فهو معذور يوم القيامة سواء كان كافرًا ام نصرانيًا أم يهوديًا أم سنيًّا مسلمًا الخ..

فبعض الحقائق وصلت على مستوى التبليغ لكنها لم تصل الى مرحلة الحجية بعد، وذلك إمّا

-١- لعدم وجود مستندها في زماننا على نحو موجب للقطع بكونها ملزمة

أو

-٢- لقيام مُعارضٍ مُصدَّق به في الذهن يمانع الإلتفات الى حقانيتها

فإنّ إبطال القضايا لا يكون بتتبعها واحدة واحدة، بل يكفي التصديق وقيام الدليل على قضية حتى تبطل جميع معارضاتها..

فليس قيام الحجة على حقانية ولاية علي ع في زمن النبي ص كقيام الحجة على حقانية ولايته أمام مَن يعيش في كنَف مُشبَعٍ بالأدلة الكلامية في زمان متأخّر..

فبمقدار تعقّلك لحيثيات الموضوع وما يحفّ به من أدلة وبمقدار توجّهك لمنهج تأسيس الحكم والمعارضة تكون مقدار الحجيّة عليك..

فقد قالها المعصوم إرشادًا لحكم العقل وقطعَ النزاعَ الدائر في زواريب المتنطحين..
{ إنّ الله يُداق الناس يوم القيامة بحسب عقولهم}

فلا يحق لاحد أن يحكم بخسران طائفة برمتها وفوز اخرى..

نعم الفائز هو الذي لم يتّبع عن تقليد وعمى والذي لم يجعل للعوامل النفسية طريقًا الى جعلها حدود وسطى يثبت وينسب المحمول للموضوع من خلالها وعمِل بما ثبت عنده صلاحه ..

فلا ينبغي ان تكون الردود على الحيدري بتكذيبه، بل بتوجيه كلام الأعلام وبيان أنّ المعاقب في الاخرة هو المعاند والجاحد!

وأهل السنة وغيرهم في انتمائهم إن كانوا يعرفون الحقّ وينكرونه فهؤلاء ممّن يداقّهم الله على ما وصلهم من حجّة، وإن كان قد استفرغوا وسعهم في تتبّع الحقّ فهم مِن أهل السعادة

فإن قيل..

أوليس قد حكمت الروايات بعدم فوز مَن لم يوالِ عليًا عليه السلام بشكل مُطلَق ؟

قلت هذا حكم مُقيَّد بحكم العقل الذي يُستكشَف منه، انّ الإمام يحكم بعدم الفوز بعد قيام الحجة عليه، وليس مُطلَق من لم يوالِ، فالأحكام الشرعية تأتي في طول ورعاية حكم العقل بالتحسين والتقبيح ..

والحجيّة لا تكون بمجرَّد وصول الحق بل بفقه الحق والالتفات الى جهة كونه حقًا..
فرب حامل فقهٍ الى مَن هو افقه منه